تمر الشعوب والدول الأفريقية والعربية الآن بمرحلة تحتم عليهما تفعيل علاقات التعاون والتكامل بينها، من أجل خدمة المصالح المشتركة لشعوب دول المنطقتين ، والحفاظ على أمنها ومستقبلها، في عالم أصبح لا يعترف إلا بالكيانات والتجمعات الكبرى والقوية.
برزت الحاجة إلى إرساء التعاون العربي الأفريقي في عقد السبعينات من القرن الماضي حينما تنامت فكرة تقنين وإرساء أُسس التضامن السياسي الإفريقي العربي الذي كان قائماً حينها ، والعمل على استثمار الروابط الثقافية والبشرية والتاريخية بين إفريقيا والأمة العربية في خدمة المصالح المشتركة، وفتح آفاق جديدة لعلاقات الطرفين لتشمل مختلف المجالات، وتجسدت هذه الفكرة في انعقاد القمة العربية الإفريقية الأولى في القاهرة في مارس 1977، بمشاركة كل القادة العرب والأفارقة اللذين أصدروا إعلانات وقرارات طموحة ترمي إلى إطلاق تعاون عربي إفريقي في شكل مؤسسي منظم يهدف إلى تحقيق الاستفادة القصوى من طاقات وإمكانات الجانبين
وحققت العديد من الأجهزة العربية نجاحاً مقدراً في مسار التعاون العربي الإفريقي من بينها الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا اللذين قدما معونات وقروض وتمويل لمشروعات بلغت قيمتها الإجمالية ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار، هذا فضلاً عن المعهد الثقافي العربي الإفريقي الذي شرع في ممارسة برامجه وأنشطته في مجال تعزيز التعاون الثقافي وتصحيح الصورة النمطية المتبادلة عن العرب والأفارقة.
واعتمدت القمة العربية الأفريقية الثانية التي عقدت في سرت عام 2010 إستراتيجية جديدة للشراكة تكرس المبادئ والأهداف التي يلتزم بها العمل العربي الأفريقي المشترك ويحدد مجالاته وتعد الاستراتيجية برنامجاً متكاملاً في إطار زمني محدد لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي والتجاري في الاستثمار والتجارة والبني التحتية والطاقة والبيئة وموارد المياه، بالإضافة إلى التعاون في مجالات الزراعة والماء والأمن الغذائي، والتعاون الاجتماعي والثقافي.
وللتنفيذ الفعال للاستراتيجية تم وضع خطط عمل تنفيذية، كما تم تحديد الفترة الزمنية لمؤتمرات القمة المشتركة الدورية بثلاث سنوات بحيث يصبح من الممكن للقمة أن تتابع على نحو دقيق ما حققته أجهزة التعاون العربي الإفريقي في تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل .
وفي إطار التحضير للقمة العربية الأفريقية الثالثة التي سيتم عقدها في الكويت في الفترة من 19 إلى 20 نوفمبر 2013 ، توصلت اللجان المعنية للتحضير للقمة إلى إعداد وصياغة كافة الوثائق التي سيتم عرضها على القادة العرب والأفارقة ، كما حرصت دولة الكويت على أن تكرس أعمال القمة الثالثة للقضايا الاقتصادية والتنموية التي تستجيب لمصالح الشعوب العربية والأفريقية، حيث تم اختيار شعار للقمة يعكس هذا التوجه "شركاء في التنمية والاستثمار"، ويتضمن جدول أعمال القمة عدد من القضايا التي تركز على هذا المعنى، ومن بينها المشروع الذي تقدم به وزراء الزراعة العرب والأفارقة لتنمية الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي في دول المنطقتين.
وحرصت دولة الكويت على عقد المنتدى التنموي والاقتصادي خلال الفترة 11، 12 نوفمبر 2013 والذي سيشارك فيه قادة القطاع العام والمنظمات العربية والأفريقية والدولية، وكذلك المنظمات العربية والأفريقية المتخصصة، كما يشارك المفكرين العرب والأفارقة وقادة القطاع الخاص والمجتمع المدني في الدول العربية والأفريقية، ويهدف المنتدى إلى تسليط الضوء على واقع التعاون العربي الأفريقي في مجال التنمية بناءً على خبرات الجهات العربية والأفريقية العاملة في هذا المجال وخاصة في قطاعات البنية التحتية والنقل والطاقة وغيرها. كما يهدف المنتدى إلى تحديد المجالات المتاحة للتعاون في مجال الزراعة والأمن الغذائي العربي والأفريقي وإبراز المزايا والتحديات المستقبلية للاستثمارات العربية والأفريقية المشتركة إضافة إلى تسليط الضوء على مجالات الاستثمار المتاحة من قبل القطاعين العام والخاص.
ومن المتوقع أن يتوصل المنتدى إلى وضع توصيات عملية وفعالة لتشجيع الاستثمار والتجارة بين الدول العربية والأفريقية، ووضع مشروعات عملية لمعالجة أوجه القصور وإزالة المعوقات التي تعترض التعاون العربي الأفريقي في مجالات الاستثمار والتجارة والأمن الغذائي، والمساهمة في النتائج التي ستتوصل لها القمة العربية الأفريقية الثالثة في مجالي التنمية والنمو الاقتصادي بشكل عام وفي مجالات الاستثمار والتجارة بشكل خاص إضافة إلى تعزيز ودعم دور المجتمع المدني في إطار التعاون العربي الأفريقي في مجال التنمية.
وتتطلع جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي أن يقوما بتنفيذ المزيد من الأنشطة والبرامج في مجالات جديدة لتعزيز التعاون العربي الأفريقي في الأعوام المقبلة ، وتحقيقاً لهذا التطلع تبذل كلا المنظمتين جهوداً متصلة للإعداد الجيد للاجتماعات العربية الأفريقية المشتركة، وذلك من أجل أن تكون قمة الكويت نقلة نوعية في مسار التعاون العربي الأفريقي بما يحقق مصالح شعوب دول المنطقتين في التقدم والاستقرار والأمن.