قطاع غزة : الوضع الكارثي وتدارك الوعي…
مع استمرار الممارسات الاسرائيلية المشينة، أعربت مؤخرا عدة حكومات وبرلمانات ونخب حزبية ومدنية وفكرية وإعلامية وفنية في العالم الغربي عن قلقها وامتعاضها من الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
فبعدما خضعت هذه الجهات ردحا من الزمن لتأثير السرديات التي روجت لها الأجهزة الدعائية الإسرائيلية حول ما جرى في 7 اكتوبر 2023ظلت على تنوع روافدها أسيرة خطاب زائف يتمحور حول "حق اسرائيل الدفاع عن النفس" إلى أن كشفت بشاعة الأعمال العسكرية العدائية ضد المدنيين وخاصة من النساء والأطفال تهافت هذا "الحق " الذي أريد به باطل دون أدنى اعتبار لأحكام القانون الدولي الانساني.
إن موقف "الاغلبية القوية" في الاتحاد الأوروبي (17 من 27 عضوا) بشأن التوجه نحو مراجعة اتفاقية الشراكة القائمة مع اسرائيل -في ضوء المقترح المقدم من المملكة الهولندية - يحمل مغزى سياسي وحقوقي عميق بحكم اعتماده على المقتضيات الخاصة. " باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية " في هذه الاتفاقية.
كما شكلت مواقف حازمة مماثلة من قبيل الاعتراف بدولة فلسطين والتلويح بالعقوبات ضد اسرائيل ، وحظر بيع السلاح ، وتجميد مفاوضات التبادل الحر، وحظر استيراد منتجات المستوطنين ،خطوات متقدمة لفرض مزيد من الضغط الدولي لانهاء الحرب ، ومدخلا مشجعا للفهم السليم والقويم لهذا النزاع التاريخي المرير وفق رؤية حل الدولتين.
وفي هذا السياق، فإن مؤتمر مدريد الأخير بمشاركة فاعلة من الأمين العام لجامعة الدول العربية يواكب هذا التحول الهام في اتجاه استشراف أفق سياسي للنزاع على أساس هذا الحل باعتباره مقاربة واقعية ومستدامة ومنسجمة مع قرارات الشرعية الدولية.
إن الوضع الانساني الخانق في قطاع غزة جراء الارتفاع المهول في أعداد الضحايا والمصابين والمفقودين ومظاهر الدمار والتجويع والحصار ، والاقتحامات المتكررة في الضفة الغربية ،والممارسات الاستفزازية السخيفة في القدس الشريف أظهرت للعالم حقيقة هذه الحرب المروعة على امتداد شهور قاسية والتي بلغت مداها بما شابها من تجاوزات خطيرة وانحسار أخلاقي في التعامل مع المدنيين الأبرياء إلى حد التطاول الجائر على كرامتهم وكينونتهم الإنسانية.